الأميرة الصغيرة
عدد المساهمات : 6 تاريخ التسجيل : 24/01/2014
| موضوع: أولادنا والصلاة 09.06.14 10:53 | |
| أولادنا والصلاة
سارة بنت محمد حسن
لا شك أن التربية الإيمانية عندما تبدأ باكرًا تُؤتي بثمار أفضل، وتعويد الطفل على الصلاة وإن كان بدايته في السابعة من عمره، لكن لا بد أن يسبقها ويوازيها ويصاحبها جهد تربوي إيماني. بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد؛ بعض الأمهات يشعُرن بالصدمة إذا ما واجههم أولادهم بالتذمُّر، ورفض أداء الصلاة، أو أظهروا كراهتهم للصلاة. وعناية الأم والأب بالصلاة أمر لا شك محمود؛ ويدل على تعظيم شعائر الله، بَيْدَ أن هناك أمور لا بد أن تراعى مستصحبين قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه من الآية:132]. إن كراهة الولد للصلاة أمر عادي وطبيعي؛ فالشيطان [ ] يُوسّوِس له كما يُوسّوِس للكبار، كما أن عنده نَفسٌ حرة منطلقة لا تزال في طور التعلُّم والترويض، والطفل محب للحركة واللعب والصلاة نوع تقييد ولا شك. كيف نتصرَّف مع أطفالنا إذن؟ لا شك أن التربية [ ] الإيمانية عندما تبدأ باكرًا تُؤتي بثمار أفضل، وتعويد الطفل على الصلاة وإن كان بدايته في السابعة من عمره، لكن لا بد أن يسبقها ويوازيها ويصاحبها جهد تربوي إيماني. القاعدة الذهبية: "أنتِ لن تعيشي لأطفالكِ إلى الأبد، استعيني بالله واجعلي جهدكِ في جعل الدين ينبع من داخل أولادكِ". كيف نُحبِّب الصلاة إلى أولادنا؟! نصيحتي للأم المسلمة: 1- حدِّثي طفلكِ عن الصراع بينه وبين الشيطان، وأشعريه بالقوة عندما يتغلَّب على شيطانه، وأن الشيطان [ ] يبكي ويغار إذا سجد المسلم؛ كما في الحديث قال صلى الله عليه وسلم: «إذا قرأ ابنُ آدمَ السجدةَ فسجد، اعتزل الشيطانُ يبكي يقول: يا وَيْلَهْ». وفي رواية أبي كريب: «يا وَيْلي». «أُمِرَ ابنُ آدمَ بالسجود فسجد فله الجنَّةُ. وأُمِرتُ بالسجود فأَبَيْتُ فلي النارُ» (رواه مسلم). إن سِنّ 3 أو 4 سنوات؛ مناسب لبداية الحديث عن هذا الصراع، يُمكنكِ تأجيله لو شعرتِ أن الطفلة لديها خوف مرضي. غير أن هناك ملحوظة مهمة جدًا: ليس المطلوب أن نُحدِّث الطفل عن [عفريت من الجن] له قدرات؛ بل المطلوب الحديث عن مخلوق خلقه الله، [ضعيف وحقود] نحن لا نراه لكنه يُوسّوِس لنا لنقع في الخطأ ونكون معه في النار [ ] مهم جدًا التركيز على أن الاستعاذة بالله تجعله يهرب ويخاف، وأننا حين نقرأ القرآن يعجز عن الوسوسة لنا، أنه حين نعمل الصواب يُصاب بالغيظ ويبكي... إلخ الخلاصة: "هو عدو ضعيف". وهذا هو الوصف المطلوب إثباته في عقل الطفل، ومع مراعاة الكلمات لا يوجد مجال للتخويف، يُفترَض أن الطفل يشعر بالقوة والرغبة في الانتصار على هذا العدو فقط. 2- حدِّثي ولدكِ عن أهميه الدعاء [ ] وتحدَّثي إليه بصوت الأمومة الدافئ الحنون: "أي بني إذا شعرتَ أنك لا تحب الصلاة فقل: اللهم حبِّب إليَّ الإيمان [ ] وزيِّنه في قلبي"، وأنتِ أيضًا لا تغفلي عن الدعاء [ ] له بذلك. إن الدعاء [ ] لأولادكِ أمر مهم جدًا؛ فأنتِ مهما بذلتِ فإنما هو أخذ بالأسباب، فأين أنتِ من الربِّ الذي بيده ملكوت كل شيء؟ وكما يقول العوام: "مالك متربي... من عند ربي!". 3- قُصِّي عليه؛ كيف فُرِضَت الصلاة في المِعراج، ومراجعة سيدنا موسى للنبي صلى الله عليه وسلم. كذلك؛ حدِّثيه عن فضل الوضوء [ ] والصلاة، وعلِّميه أن يسأل الله تعالى بما يشاء، وبما يريد في سجوده حتى الألعاب والنُّزه يسأل الله في صلاته، وعلِّميه أن ذلك أقرب للإجابة. 4- اهتمي أثناء القصص التي تقصيها عليه -سواءً [url=http://ar.islamway.net/search?domain=default&query=%D9%82%D8%B5%D8%B5 %D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D8%A1]قصص الأنبياء [/url][ ] أو الصالحين أو حتى القصص الخيالية- ركزي على أن تُحبِّبي إليه "الله" وتُقرِّبي إليه صفاته، وعلِّميه أنه الخالق وبيده كل شيء، وأنه وحده المستحق للعبادة، وكلِّميه عن لذة النظر لوجهه يوم القيامة [ ] ودخول جنتته... العقيدة [ ] تُغرَس من هذا السِنّ؛ قدر استطاعتكِ تكملي بصوتٍ محب متأثر لا تخجلي أنتِ أيضًا ستشعرين بحياة جديدة، وربما رقَّ قلبكِ وأنتِ تُعلمي ولدكِ كيف يَرقُّ قلبه ويخشع لله، أنتِ تُربِّين نفسكِ وولدكِ معًا، فلا تستهيني بهذا، واعلمي أن العلم [ ] بالتعلُّم والحِلم بالتحلُّم... وكذا الخشوع [ ] بالتخشُّع! 5- حدِّثيه عن سيرة النبي [ ] صلى الله عليه وسلم وبذله، وكيف علَّمنا الدين، واجعليه يُحبّه ويُحب أن يكون معه يوم القيامة، فإذا جاء وقت موعظة الصلاة كلِّميه عن: «أعني على نفسك بكثرة السجود» (حديثٌ رواه مسلم: عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه: "كنتُ أبيتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأتيتُه بوَضوئِه وحاجتِه. فقال لي: «سلْ». فقلت: أسألُك مرافقتَك في الجنةِ قال: «أوَ غيرَ ذلك؟». قلت: هو ذاك، قال: «فأعنِّي على نفسِك بكثرةِ السجودِ»").. 6- علِّمي ولدكِ أنه لا خيار للمسلم في طاعة الله، علِّميه قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب من الآية:36]. "لازم هنصلي" وعلى قدر المشقة لنا أجر؛ الحزم مطلوب في بعض اللحظات وإياكِ والخوف والقلق، لن يكره الصلاة ولن يكرهكٍِ ودعكِ من هذه الوسواس، واعلمي أنه على قدر إظهاركِ للحزم والجدية بدون قسوة: "الصلاة أمر مفروغ منه"، "لا مفر لا بد من الصلاة"... على قدر حزمكِ هذا سيترسَّخ في ذهنه أن هذا الموضوع مُنتَهٍ، أمر واقع وجد وليس بالهزل ولا بد من الصلاة مهما كانت الظروف. سيحتاج هذا منكِ أيضًا إلى معرفة بعض الأحكام الفقهية؛ فليس معنى أنه لا يوجد ماء أن نترك الصلاة، ليس معنى أن بعض النجاسة أصابته أن نترك الصلاة!... 7- اهتمي بإظهار شعائر الله في بيتكِ وفي نفسكِ وعظِّمي أمر الله أولًا؛ ليكن أول ما يُوضع في حقيبة السفر أو عند الخروج ولو للنزهات هو: ملابس الصلاة للفتاة! مهما عسُرت الأمور ساعدي ولدكِ وأظهري حِرصكِ على أن يُصلي في المسجد مهما تكبَّدتِ من مشاق. تذكري؛ أنتِ ربما تتكبَّدين مشاق مضاعفة لتمرين رياضي أو درس خصوصي! شعائر الله أولى بجهدكِ أختي الحبيبة. 8- في السن الصغيرة -أعني بداية التعليم من 7-10 سنوات- ربما يكون من الذكاء أن تتغافلي قليلًا عن بعض الأمور في الصلاة... ليس الغبي بسيد في قومه *** لكن سيد قومه المتغابي لا شك؛ أنكِ ستُعلِّمين أولادكِ الصلاة إذا أَتمُّوا السبع سنوات، وتشرحي لهم عمليًا كيف نُصلي وكيف نتوضأ. لا شك أيضًا؛ أن الطفل ربما صلى بسرعة أحيانًا أو توضأ بغير إتقان... إلخ، تغافلي تارةً، ووجِّهي تارةً، بل أحيانًا قد تضطري للأمر بإعادة الصلاة... لا بأس لكن لا تُكثري من ذلك يعني مرةً كل شهر أو حتى أكثر من شهر، ربما في خلال سنوات التعليم مرات معدودة. في حال الإتيان بما يُبطِل الصلاة قد تحتاجي إلى عبارة مثل: "حسنًا ولدي أنت لم تكن تعرف؛ قد علَّمتُك ولأنك لا زلتَ صغيرًا لن آمرك بإعادة الصلاة؛ لكن إذا تكرَّر الخطأ قد آمرك بالإعادة لتتعلَّم لأن هذا مِما يُبطل صلاتك... وهذه صلاة يعني صلة بينك وبين الله". 9- ماذا نفعل في أيام الحيض؟ ببساطة اشرحي لأولادكِ أن هذا وقت أنتِ أيتها الأم "مأمورة" من الله ألَّا تُصلِّي. لماذا يا أمي؟ كل النساء [ ] لهم فترة معينة كل شهر يكون عندها شيء اسمه الحيض [ ] سأشرحه لك لاحقًا يا بني هذا الشيء هي مأمورة فيه بعد الصلاة... أُذكِّرُكِ؛ إياكِ والكذب [ ] على طفلكِ، لا تكسري الثقة بينكِ وبين أولادكِ. متى أشرح لولدي أو ابنتي ما هو الحيض؟ تقريبًا عند سِن 8-9 سنوات قد يزيد أو يقل؛ بصورة مبسَّطة تذكري أختي الحبيبة أنتِ مقياس حسَّاس لنضج أولادكِ، ومستوى الأسئلة التي تُطرح عليكِ، وكذلك؛ أنتِ أدرى بمستوى حواركِ معهم، لا تستهيني بأولادكِ وعقولهم، واعلمي أيضًا أن أي سِنّ مقدَّر في الكتب أنه مناسب لكذا أو كذا... أو ينصحك به أحد الخبراء هو في الواقع سِنّ تقديري. 10- كيف أُعلِّم ولدي الصلاة في المسجد؟ في رأيي؛ أن تعليم الطفل الذكر [ ] الصلاة يُصاحِبه تعويده على الصلاة في المسجد! احرصي على تِكرار أن الصلاة في البيت هي "صلاة البنات"، إن اعتزاز الطفل الذكر [ ] أو الأنثى بجنسه هو أمر طبعي يُستحسن استغلاله جيدًا... اعلمي أنه بمِثل هذا الغرس لو ترك ولدكِ الصلاة في المسجد سيظل في ذهنه أن الصلاة في البيت هي صلاة "البنات" وليست صلاة الرجال! كذلك؛ اعلمي أنه على قدر حرصكِ على أنه يُصلي في المسجد على قدر ما ينتقل هذا الحرص إليه؛ أن يصاحب والده أو أحد محارمكِ، أو حتى أن تتجشمي شيء من المشقة فتصحبيه بنفسكِ! تذكري أن الكثير من العلماء [ ] والأئمة والمجاهدين كانت وراءهم أُمٌ حقيقية قدَّمت الكثير لتدفع ولدها إلى الصف الأول! كرَّري كثيرًا فضل الصلاة في المسجد وأنها تعدل 27 ضِعفًا صلاة الفرد، إن حديث أبو هريرة جميل جدًا تأمليه: «صلاةُ أحدِكم في جماعةٍ، تزيدُ على صلاتِه في سوقِه وبيتِه بضعًا وعشرين درجةً، وذلك بأنه توضَّأ فأحسنَ الوُضوءَ، ثم أتى المسجدَ لا يريدُ إلا الصلاةَ، لا ينهزُه إلا الصلاةُ، لم يخطُ خطوةً إلا رُفِعَ بها درجةً، أو حُطَّت عنه بها خطيئةٌ، والملائكةُ تصلي على أحدِكم ما دام في مصلاه الذي يصلي فيه: اللهمَّ صلِّ عليه، اللهمَّ ارحمْه، ما لم يُحدثْ فيه، ما لم يُؤذِ فيه»، وقال: «أحدُكم في صلاةٍ ما كانت الصلاةُ تحبِسُه» (متفقٌ عليه). هناك قصص كثيرة عن صلاة الجماعة؛ مثل قصة الرجل الذي نزل به الضيوف فترك الجماعة لأول مرة في حياته، فندم وأراد أن يُكفِّر عن ذلك فصلى 27 عشاء في نفس الليلة ليحصل على أجر الصلاة في المسجد، فنام ورأى رؤيا أن من صلى في المسجد سبقه رغم ما فعله... مع التنبيه على أن إعادة الصلاة 27 مرة ليس فعلًا صحيحًا ولا يُوافق السنة لكن نتأمَّل حِرصه ورغم ذلك سبقه أهل المسجد! 11- يُخطئ من يظن أن الطفل في السن الصغيرة لا يتأثر بالموعظة المباشرة؛ بل يتأثر جدًا وتظل معه عمره كله محفورة في ذهنه، لكن موعظة في وقتٍ مناسب قليلة الكلام مؤثرة وبصوتٍ رخيم أنتِ وأنا وكلنا نتذكَّر شيء من ذلك في طفولتنا كان لها أثرًا بالغًا في حياتنا أليس كذلك؟ والله أعلم. اللهم اهدِ أولاد المسلمين، واجعلهم قُرّة عين لنا في الدنيا [ ] والآخرة. المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام |
|